صوت عدن / تقرير خاص:

تشهد العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات اليمنية المحررة موجات غضب عارمة واحتجاجات شعبية تصاعدت بشكل غير مسبوق في محافظة حضرموت الغنية بالثروات النفطية والمعدنية وذلك احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والإقتصادية والخدماتية والمطالبة بحياة كريمة تتوفر فيها سبل الحياة الاساسية المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين الذين اثقل كاهلهم الغلاء وتدني الاجور وتاخير صرفها وسوء الخدمات لاسيما انهيار خدمة الكهرباء والمياه في ظل فساد بات يستشري في مفاصل السلطات الرسمية فيما لم تفلح استخدام القوة المفرطة بوقف تصاعد الاحتجاجات العارمة التي تطالب ايضا بالتغيير للنهوض بالاوضاع المزرية فيما بلغت معاناة الناس مستويات ماساوية كارثية.
وازاء تصاعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي حملت التحالف السعودي الإماراتي وأدواته الحاكمة مسؤولية الازمات الخانقة وتفاقم معاناة المواطنين على كافة المستويات وخشية ان تطيح تلك التظاهرات بالسلطات المحلية شهدت العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات جنوبية أخرى حراكا دبلوماسيا مكثفا من قبل سفيري الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (بريطانيا) اللتان أجريتا عدة لقاءات برئيس الحكومة سالم بن بريك ورئيس المجلس الرئاسي وعددا من اعضاء الرئاسي بينهم اللواء عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الإنتقالي لبحث سبل الخروج من واقع الازمات المتفاقمة وللتوصل لحلول تمتص غضب الشارع الجنوبي وتخفف من معاناة المواطنين فرضت الدولتان على تلك السلطات العابثة تخفيضا لسعر صرف العملات بما يؤدي الى تعافي الريال اليمني وتخفيف أسعار كافة السلع والمواد الغذائية ومارستا ضغوطا مشددة لفرض اصلاحات عاجلة.
وشددت الولايات المتحدة الأمريكية على أهمية الحفاظ على إستقلالية البنك المركزي اليمني بعيدا عن اي تدخلات سياسية.
وأشادت في بيان لسفارتها بالجهود التي بذلها محافظ البنك أحمد غالب المعبقي خلال الأسبوعين الماضيين لتعزيز استقرار العملة المحلية والتي أسفرت عن تحسن قيمة الريال اليمني بنسبة تقارب 50% والحد من المضاربة في سوق الصرف ، وحثت على ضرورة بقاء البنك المركزي بعيدًا عن أي تدخلات سياسية ، مؤكدة أن الحفاظ على استقلاليته يمثل أولوية قصوى لضمان استقرار الاقتصاد الوطني.
ودعت الحكومة اليمنية إلى الإسراع في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية على وجه السرعة ، مشيرة إلى أن الاقتصاد اليمني ومعه حياة المواطنين وسبل عيشهم على المحك.
وأكد مراقبون أن البنك المركزي اليمني بعدن الذي يعاني من عدم توفر السيولة المالية الكافية لصرف رواتب الموظفين كان وما يزال ناتجا عن عدم توريد الكثير من المؤسسات الحكومية لإيراداتها المالية الى خزينة البنك وذلك منذ عدة سنوات وتحتفظ بها في حسابات خاصة لدى شركات الصرافة والبنوك التجارية الخاصة في مخالفة جسيمة للقواتين النافذة في محاولة بائسة لإغراق البلاد في الفوضى والازمات وادارة البلاد بالتجويع والفساد وسوء الادارة من خلال فرض سلطات الامر الواقع التي اصبحت تشكل سلطة غير شرعية داخل الدولة الشرعية المعترف بها دوليا.
وأكدوا ان رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عوض بن مبارك قد عانى من جبروت القوى المتنفذة التي حالت دون قيامه بالاصلاحات الاقتصادية والمالية لفرض سلطة الدولة لاسيما بعد كشفه لبؤر الفساد والعبث بالمال العام وقدم عشرات الملفات الى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية من اجل استعادة الاموال العامة المنهوبة فتكالبت عليه تلك القوى وطالبت بتغييره كشرط رئيسي لأي تسوية تفضي الى الاستقرار.
وكان رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عوض بن مبارك قد كشف في بيان مقتضب لإستقالته عن بعض الاسباب منها عدم تمكينه من ممارسة صلاحياته الدستورية والقانونية لإصلاح مؤسسات الدولة ، مشيرا الى أنه بذل جهودًا كبيرة على الأرض للمساهمة في استعادة الدولة ومحاربة الفساد ودفع مسارات الإصلاح المالي والإداري وإعادة بناء مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن ، مؤكدًا أنه واجه “الكثير من المصاعب والتحديات” خلال فترة توليه المنصب .. فيما قال مراقبون أن دعواته المتكررة لعقد إجتماع لمجلس الوزراء باءت بالفشل ولم يستجب لها إلا اربعة وزراء في تصرف أفشل فيه معارضوه المجلس وفقا لأجندات ترفض اي شكل من اشكال الاصلاحات الحقيقية التي تنهض بالاوضاع المتدهورة.
وكشف مراقبون بأن رئيس الوزراء سالم بن بريك وجد نفسه محاطا بمافيا الفساد التي تستنزف المال العام وتحول دون توريد المؤسسات الرسمية للإيرادات الى خزينة البنك المركزي بالاضافة الى توقف الدعم المالي الخارجي واشتراط المانحين القيام باصلاحات عاجلة وما كان أمامه إلا السير على خطى سلفه الدكتور بن مبارك في حمل خطته للإصلاحات الإقتصادية والمالية.. ووسط أزمة كانت تلوح في الأفق داخل منظومة الشرعية تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لفرض الاصلاحات الحقيقية والنأي بالبنك المركزي عن اية تدخلات سياسية وتمكين بن بريك من اتخاذ قرارات مهمة للنهوض بالاوضاع المتدهورة .. مشيرين الى أن هناك توافقات على إجراء تعديلات كبيرة في الحكومة ستبرز خلال الايام القادمة وهي بالتأكيد لن تكون بعيدة عن حزمة تفاهمات بين قطبي التحالف السعودي الإماراتي ولكنها لن تخرج عن الارادة الامريكية البريطانية وأجندتهما في البلاد.