هذا الصباح ... شعرت بالحزن يعتصر قلبي حين وقعت عيناي على خبر وفاة زميلي وصديقي عبدالله بن أحمد بن طاهر باوزير، حين  كنتت أتصفح كعادتي كل صباح رسائل الواتس في هاتفي النقال ، وتحديدًا جروب " واحة زملاء المعهد الديني ". وكل يوم كنت أتبادل وإياه تحية الصباح، وكان رحمه الله يعلق بكلمات قليلة على مقالاتي التي كنت أحرص أن يطلع عليها أولاً بأول،  وكان من أشد المعجبين بها، أو على بعض المقالات لكتاب آخرين. 
كان يميل إلى الاختزال في تعليقاته على كتاباتي كأن يقول :" جميعنا ساهمنا في ضياع عدن وسرقتها "،أو عدن عصية على الموت ". وكان يحب عدن كثيرا، وحين يكون فيها في أي وقت كان يحرص على زيارتي في مكتبي في صحيفة 14 اكتوبر، أو مطابع الثوري في الخليج الأمامي في كريتر . وبعد أن تركت العمل في الصحافة كان يزورني في منزلي في المعلا. خاصة بعد عودتي من رحلة غربة واغتراب شملت القارتين الآسيوية والأوربية.
 وكان يحب التاريخ ، ويحب الشعر لكنه لم يكن يستسيغ المرسل منه!! وكان يرى من مشاكل الوسائط الاجتماعية انه لايمكن التحقق من صحة المعلومات ومدى صدقية الكاتب " وهو رأي صحيح إلى حد بعيد .
 بيني وبين المرحوم عبدالله باوزير صداقة عمرها أكثر من ستين سنة ، منذ كنا زميلين في المعهد الديني في غيل باوزير، كان من التلاميذ الأذكياء الذين سرعان ماكونت معه صداقة خاصة استمرت طوال بقائي في المعهد وحتى بعد ذلك. نذاكر معاً، ونتوقع في نقاشاتنا أسئلة الامتحان فتأتي وفقًالتوقعاتنا.   ثم تفرقت بنا السبل وباعدت بيننا سنوات طويلة ، والتقينا مجددًا في عدن بعد غياب شعرنا بأنه عمر وليس سنوات. ومثلما يقال : مصير الحي يتلاقى ) ، وقد تلاقينا، وكان لقاؤنا فرح طفلين.. استعدنا ذكريات الأيام الخوالي عندما كنا تلميذين صغيرين في المعهد الديني بغيل باوزير.. وبعدما ضمني إلى "قروب" واحة زملاء المعهد الذي أسسه زميلي وتؤم روحي وزميل دراستنا في المعهد علوي سالم مدهر باعلوي ، لم ينقطع إتصالنا، فصرنا على تواصل يومي تقريبًا. كما أن القروب أتاح لي فرصة التواصل مع زملاء الدراسةواستعادة ذكريات الأيام الخوالي .
كان عبدالله بن طاهر قارئاً نهمًا مذ كنا نرتاد معًا مكتبة المعهد التي كانت تحتل حيزا في مسجد الداخلية ، وتضم روايات لكبار الروائيين ودواوين لشعراء من كافة العصور والأمصار وعناوين أخرى  مما حبب إلينا القراءة الحرة خارج المنهج،  التي بقيت معنا لبقية حياتنا وساهمت في توسيع مداركنا ، والنهل من منابعها المتعددة.
  كان الفقيد الصديق عبدالله من أوائل الذين استقبلوا عودتي للكتابة والنشر بالترحاب، بعد فترة انقطاع طويلة في سلسلة المقالات التي بدأت نشرها في موقع ( صوت عدن ) للزميلة الإعلامية ضياء السروري بعنوان " ذات عدن ..ذات زمن ". ليس ذلك فقط ، بل وحثني على
إصدارها في كتاب ، وهو ماتم أخيرًا بصدورها عن دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر بمصر . كذلك كان ترحيبه وسعادته بصدور كتابين آخرين  لي قريبًا من ذلك هما: أشيائي، والخروج من المقهى ..الخروج من النص.وأحزنني كثيرًا وفاة زميلي وصديقي عبدالله بن طاهر قبل صدور كتابي الجديد( مدن البحر ) الذي وضع له المقدمة. وأعرف كم كان متشوقًا لصدوره لكن الظروف المادية حالت دون ذلك في حياته .
  عبدالله وياله من عبدالله، طيب ، ذكي، 
مثقف، محاور، صادق ، صدوق ، إنسان بكل معنى الكلمة ، صديق رائع وطفل جميل ...
 سأشتاق إليك ياصديقي النبيل ..
إلى تحياتك الصباحية..
إلى فرحك الذي تعبر عنه مع كل إصدار جديدةلي ، أومقال.. ولم يكن يفوق متعتي في الكتابة سوى متعتك في القرا،ة كما كنت تقول..
فجأة مضيت دون وداع و تركتنا للحزن..
 لروحك السلام والرحمة من الله ..
ولأسرتك وأهلك وزملائك الصبر والسلوان .